من الصعب تحقيق الطموحات التي تصبو إليها استراتيجيات الدولة الجزائرية المتطلّعة لغد أفضل، بعيدا عن الاهتمام بالبحث العلمي و تعزيز القدرات الإبداعية. ولهذا الغرض، تمّ إنشاء مخبر "اللسانيات التطبيقية وتعليم اللّغات " (LAEL) بموجب القرار المؤرخ في 20 أكتوبر 2015،وهو المخبر الذي أتشرّف بالإعلان عن افتتاح موقعه الرسمي هذا ، الذي سيشكّل فضاءً أكاديميا مندمجا للبحث والتفاعل وتبادل التجارب و الخبرات، بين باحثي الجامعة و أساتذتها ،وبينهم وبين باحثي مختلف المراكز البحثية والأكاديميّة ،من ذوي التخصّصات التي تشترك في اهتمامها بالظاهرة اللّغويّة : التعليميات(في مختلف اللّغات الوطنية والأجنبية) ،الترجمة ،المعالجة الآلية للغات ،علم المصطلح،علم النفس المعرفي،علم الاجتماع اللغوي ... وذلك سعيا لتحقيق مبدإ تكامل المعرفة، وما تتطلبه ترقية البحث العلمي من انفتاح على طاقات فكرية متنوّعة، ومن مقاربة مضامين التكوين بمنطق التخصّصات الدقيقة و المعمّقة، وفق مفهوم تعدّد التخصّصات وتنوّعها، و من تنظيم أنشطة علمية و أكاديمية ، وندوات تكوينية،ونشر مؤلفات باحثي المخبر ،و ما استجدّ من دراسات في مجلّته وكذا نتائج أبحاث فرقه ،بالإضافة إلى عرض محاضرات مرئية... قصد تمكين الطلبة الباحثين من بناء كفاءات المعرفة والتواصل و الحوار و النقد و إعداد المشاريع البحثية، و الانخراط في فرق بحث،وبالتالي الارتقاء بمستوى الأبحاث والتعليم الجامعي والدراسات العليا.
إنّ متابعة البحث العلمي و المشاركة فيه ضمن إطار منظّم ،عامل موثّق للصلة بين الباحثين و ما يستجد في مجال تخصّصات تعنيهم؛ ذلك أنه بدون ممارسة هذا البحث، لن تتم زيادة تأهيل هؤلاء الباحثين التي هي عملية متواصلة لا تتوقف عند حدّ معين أو عمر محدّد أو بالحصول على شهادة معيّنة . ولا يتحقق كلّ ذلك إلا إذا اضطلعت الجامعة ومخابرها بدورها ،بوصفها مركزا للبحث والإبداع، وأسهمت في إيجاد مناخ مناسب يَقْوى على تنمية قدرات أساتذتها وباحثيها وطلبتها، وتغذيتها بشكل مستمر عن طريق البحث العلمي الجاد والتنقيب عن كل جديد ،ممّا سينعكس ـ لا محالة ـ إيجابا على الأداء الأكاديمي للمنتسبين إليها (المخابر وبالتالي الجامعة) ابتغاء أداء دور جاد و فاعل .
ويتوخى المخبر أيضا ، وبوساطة موقعه، انفتاح الجامعة على المجتمع و قضاياه، من أجل الإسهام في تقديم الحلول المناسبة لإشكالاته، عن طريق البحث العلمي النظري و الميداني، وكذا تطوير الكفاءات الحياتية لدى الطلبة الباحثين بتقريبهم من قضايا المجتمع، و جعل أبحاثهم و دراساتهم في خدمته، بالإضافة إلى توطيد التعاون و العلاقة بين الباحثين و الأساتذة و تعزيز التنسيق فيما بينهم ، خاصة على مستوى مخرجات النشاطات العلمية من دراسات و تأطير وإشراف في مرحلة ما بعد التدرج.
ومواكبة لمتطلبات البحث العلمي وما تمليه العولمة ،فإنّ المخبر يسعى جاهدا إلى ربط علاقات بحث خارج الوطن قصد تعزيز الجهود البحثية وتنميتها وإثرائها ،كما أنّه يتغيا البحث في إشكاليات لغوية أخرى ترتبط باللغات الوطنية والأجنبية يتمّ تحويلها إلى محاور بحث ،فمشاريع فرق بحث يدعّم المخبر بها،فإذا كان عدد فرق البحث المنضوية تحته خمس فرق تضمّ ثلاثة وعشرين باحثا ،وإذا كان عدد طلبة الدكتوراه المنتسبين إليه حاليا ثلاثة وأربعين طالبا في النظامين ،وهو الذي لم يمض على إنشائه سوى ثلاث سنوات ،فإنّه يطمح إلى مضاعفة عدد الفرق البحثية عن طريق تشجيع هؤلاء الطلبة على الانخراط في فرق جديدة يشرف عليها أساتذتهم .وفي هذا السياق ،فإنّ المخبر يفتح أبوابه لكلّ الباحثين الجادين المهتمين بالقضايا اللّغويّة الراغبين في الانتساب إليه ، ويضع كلّ إمكانيته تحت تصرّفهم قصد تجسيد مشاريعهم البحثية مادام الهدف واحد وهو تحقيق نقلة علمية متقدّمة، ورسم واقع معرفي جديد يرسخ مكانة جامعة الجزائر 2 محليا وعالميا .
سيدي محمد بوعيّاد دبّاغ